من مميزات المشروع التربوي أنه مرتبط بالمؤسسة التعليمية وبالفضاء الدراسي و البيداغوجي و الديداكتيكي، كما أنه مشروع دينامي وحيوي يتكيف مع الحاجيات و الوضعيات الجديدة التي تواجهها المدرسة، علاوة على كونه فعلا ميدانيا و واقعيا ونشاطا عمليا برجماتيا ينطلق من أهداف معينة وفلسفة خاصة واعية بالزمن وسياقات الإنجاز. وهو كذلك فعل جماعي تشاركي وتعاوني يقوم به التلاميذ بمؤازرة الفريق الإداري والتربوي في مشاركة مع الفاعلين الداخليين والخارجيين، زد عن ذلك أنه شامل لجميع عناصر خطة العمل.3
**وقد أحصى مارك بروmarc bru ولوي نوطlouis not خمس وظائف أساسية للمشروع:
**الوظيفة الاقتصادية والإنتاجية.
**الوظيفة العلاجية.
**الوظيفة الديداكتيكية. الوظيفة الاجتماعية والتواصلية.
** الوظيفة السياسية( تكوين المواطن الصالح المدني). 4
أما مشروع المؤسسة فهو مشروع تربوي إرادي وتطوعي واقعي يخدم مصلحة التلميذ من خلال تظافر جهود كل الفاعلين التربويين والإداريين والشركاء الداخليين والخارجيين لإيجاد حلول ناجعة عملية وميدانية لوضعيات ومشاكل تواجهها مؤسسة تربوية ما من خلال اقتراح خطة العمل محددة الأهداف والوسائل والإمكانيات قصد تحقيق حاجيات وإشباع رغبات المتمدرس ماديا ومعنويا. وتعرفه وزارة التربية الوطنية بأنه" يعني برنامجا إراديا وخطة تطوعية مؤلفة من مجموعة من الأعمال المنسجمة التي تهدف إلى الحصول على أفضل النتائج في المؤسسات التعليمية، والرفع من مستوى التحصيل بها، والسمو بجودة علاقتها بمحيطه الاقتصادي والاجتماعي و الثقافي". 5 وقد كانت المذكرة الوزارية رقم 73 أكثر تحديدا لمشروع المؤسسة من خلال تحديد أهدافه:"
وحتى يؤدي المشروع التربوي المنتظر منه فإنه ينبغي أن يتمحور حول موضوع له اتصال مباشر بالحياة اليومية للمؤسسة وأن يهدف إلى دعم العمل التربوي في مختلف مساراته، وأن يكون وسيلة تساعد على رفع مستوى التعليم وزيادة فعالية العمل التربوي ونجاعته في تحقيق الترقي الذاتي للتلاميذ، وفي جعل المدرسة عنصر إشعاع وتنمية."6
ويرى محمد الدريج أن مشروع المؤسسة عبارة عن"برنامج إرادي تطوعي( خطة عمل) مؤلف من سلسلة من الأعمال والإجراءات التي تهدف، بشكل منسجم، الحصول على أفضل النتائج في المؤسسات التعليمية والرفع من مستوى وجودة التعليم بها، وتعميق ارتباطها بمحيطها واندماجها في مجالها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. إنه خطة منظمة متناسقة العناصر، يتعاون على تنفيذها فريق تربوي (مجموعة عمل) داخل المؤسسة، من خلال جملة من الأنشطة، لغاية اختيار ما يناسب7 من أهداف تربوية وتكييفها بما يلائم متطلبات البيئة وحاجيات الجماعات المحلية ومطالبها، وفي انسجام مع الغايات والمبادئ العامة المقبولة والمتفق عليها على الصعيدين الوطني والعالمي"7.
أما عبد اللطيف الفارابي ورفاقه فيعرفون مشروع المؤسسة بأنه:" خطة أو برنامج متوسط المدى يتألف من أعمال وأنشطة قصدية ذات طبيعة تربوية وبيداغوجية، يشارك في بلورتها وإعدادها وإنجازها وتقويمها مجموعة من الفاعلين المنتمين إلى المؤسسة التعليمية، وفاعلين لهم اهتمام بالتربية، تربطهم بالمؤسسة علاقة شراكة. ويتوخى مشروع المؤسسة بالأساس الرفع من إنتاجية المؤسسة، وتحسين شروط العمل داخلها، والرفع من مردوديتها التعليمية، ودمجها في محيطها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي".8
و قد ظهر مشروع المؤسسة باعتباره مظهرا من مظاهر التجديد التربوي في الغرب وخاصة في الدول الأنجلوسكسونية .أما فرنسا فقد تبنت مشروع المؤسسة منذ أوائل الثمانينيات في مدارسها وثانوياتها"بل فرضته بنص قانوني صودق عليه في سنة 1989، يجبر المؤسسات على إعداد مشاريع خاصة بها. والحقيقة أن فكرة المشاريع التربوية بدأت تتسرب، متأثرة بالأدبيات الأنجلوسكسونية، إلى نسيج النظام التعليمي الفرنسي قبل ذلك التاريخ بكثير. فمنذ سنة 1973 ألحت التوجيهات الرسمية على تخصيص 10% من استعمال الزمن، لإنشاء رفقة التلاميذ، مشاريع في مواضيع تربوية تخرج عن إطار المواد الدراسية المقررة."9
وقد ارتبط مشروع المؤسسة في الغرب بالتربية الحديثة الداعية إلى الحرية والمبادرة الفردية والفكر التعاوني التشاركي وارتباط المدرسة بالحياة وانفتاحها على محيطها وسياقها السوسيواقتصادي في إطار منظور عملي ومنفعي براجماتي ليبرالي كما هو شأن فلسفة التربية عند وليام جيمس وجون ديوي ودوكرولي وكوزيني وفريني. أما في المغرب فقد ظهر مشروع المؤسسة منذ 1994 مع المذكرة الوزارية رقم73 تحت عنوان( دعم التجديد التربوي في المؤسسات التربوية)، ومع المذكرة الوزارية رقم 27 بتاريخ 24- فبراير-1995 التي تحمل نفس العنوان. تذهب المذكرة الوزارية الأولى في شرح مشروع المؤسسة إلى :" أنه من المفيد أن تشارك المؤسسات التعليمية بما تتوفر عليه من إمكانيات مادية وبشرية في الرفع من مردودية التعليم والارتقاء بمستواه عن طريق دراسة بعض الظواهر الخاصة والبحث في معالجة ما يطرح عليها من قضايا تربوية تتعلق بعناصر ومكونات العملية التعليمية. ولن يتأتى ذلك إلا إذا تظافرت جهود كل الأطراف المعنية بالعمل التربوي كل حسب اختصاصاته ومجال عمله واستعداداته."10
ومن ثم، لابد أن يكون مشروع المؤسسة تربويا يقوم بإثراء البحث الميداني والمساهمة في تنمية التجديد التربوي على الصعيد المحلي، ورفع مستوى التعليم وزيادة فعالية العمل التربوي ونجاعته في تحقيق الترقي الذاتي للتلاميذ ، وفي جعل المدرسة عنصر تنمية وإشعاع.أما عن مواصفات المشروع- كما تقترحه المذكرة- فتتمثل في مراعاة طبيعة المؤسسة أو المؤسسات المعنية وتشخيص مسبق للقضايا ذات الأولوية التي لها علاقة بمحيطها البيئي والاقتصادي، وأن يتسم المشروع بالواقعية وإمكان تطبيقه اعتمادا على الإمكانيات الذاتية المتوفرة، وأن يساهم في إعداده التلاميذ والأطر التربوية والإدارية وآباء التلاميذ وأولياؤهم و كذلك المشرفون على التكوين والتأطير والمراقبة في المؤسسة والمؤسسة المعنية بالدخول معها في مشروع مشترك.
كما ينبغي أن تحدد أهداف المشروع بدقة مضبوطة وأن تكون مراحله وطرائق تنفيذه واضحة ومدروسة بدقة. ولابد من تحديد الإيقاع الزمني والظرف المكاني وضبط الموارد والإمكانيات المادية والمالية والبشرية بنحو مفصل وإجرائي مع توزيع الأدوار والوظائف والمسؤوليات دون أن ننسى عملية النقد الذاتي والمراقبة والتتبع التقويمي لمراحل المشروع قبليا ومرحليا ونهائيا.
ومن نماذج مشاريع المؤسسات التي تشير إليها المذكرة الوزارية: المشاريع التي تستهدف إحداث مراكز التوثيق والإعلام. الرفع من مردودية العمل التربوي في مادة أو عدة مواد دراسية. بيداغوجية الدعم والتقوية لدعم وحدة دراسية أو أكثر. نشاطات ثقافية: مسابقات، بحوث، تراسل، استطلاعات، معارض، زيارات، توأمة مع مؤسسات صديقة... إقامة شراكة بين المؤسسة المعنية ومؤسسة تعليمية أخرى أو مؤسسة لتكوين الأطر في إطار مشروع يحظى باهتمام المؤسستين. والهدف من إرساء سياسة مشروع المؤسسة هو إقرار السياسة اللامركزية التي تستند إلى الجهوية والمحلية واللاتمركز، والعمل على تنمية جميع الجهات تنمية شاملة على جميع الأصعدة،والعمل على تجديد المدرسة المغربية ونظامها التربوي عن طريق ربط المدرسة بخاصية التنشيط وخلق مدرسة الحياة والمبادرة الفردية والجماعية وزرع الفكر التعاوني التشاركي والسعي إلى تجديد الفكر التربوي عن طريق البحوث الميدانية والمشاريع الفعالة النافعة والمنتجة، ناهيك عن عجز الوزارة عن حلها لجميع المشاكل التي تعترض التعليم؛ لذلك تتنازل عن بعض مسؤولياتها للأقطاب الأخرى للمشاركة واقتراح القرارات المناسبة في التسيير وتدبير الشأن التعليمي والتربوي الذي تستلزمه ضرورة انفتاح المدرسة على محيطها السياسي و الاجتماعي والاقتصادي والبيئي والثقافي.
هذا، وعند تقديم المؤسسات التربوية لمشاريعها النهائية لابد من إرسالها إلى النيابة الإقليمية التي بدورها ترسلها إلى الأكاديمية الجهوية لاختيار المشاريع المقبولة، وترسلها بدورها إلى المصالح المركزية للمصادقة عليها وإعطاء الإذن بانطلاقها. تقول المذكرة في هذا الصدد." أما من حيث انتقاء المشاريع التربوية وتتبعها، فإنه تقرر أن تحدث على مستوى كل أكاديمية لجنة جهوية يرأسها السيد مدير الأكاديمية، وتضم كلا من السادة نواب الوزارة والسادة رؤساء مؤسسات تكوين الأطر والسادة المفتشين المنسقين الجهويين والسادة المفتشين المكلفين بالإشراف على مفتشيات التوجيه والتخطيط التربوي،